نمط حياة

تأثير التوقيت الصيفي على الصحة: تأثيرات غير متوقعة

تأثير التوقيت الصيفي قد يتجاوز النوم

يعتبر التوقيت الصيفي موضوعًا مثيرًا للجدل، حيث يمتد تأثيره إلى ما هو أبعد من مجرد فقدان النوم. في هذا المقال، سنستكشف التأثيرات الصحية العديدة التي يمكن أن يسببها هذا التغيير.

تأثير التوقيت الصيفي قد يتجاوز النوم.

كل عام، يقوم ملايين الأشخاص بتعديل ساعاتهم بين التوقيت الصيفي والتوقيت الشتوي، وهو حدث غالبًا ما يُنظر إليه على أنه إزعاج، ومع ذلك، تشير الأبحاث المتزايدة إلى أن تأثير التوقيت الصيفي يمتد إلى ما هو أبعد من فقدان النوم واضطرابه بشكل مؤقت. إذ يمكن لهذا التغيير نصف السنوي أن يعطل الإيقاعات الحيوية للجسم، ويؤثر على صحة القلب والأيض، ويزيد من المخاطر على الصحة.

اضطراب الساعة البيولوجية للجسم

عندما تُقدَّم الساعات أو تؤخَّر الساعة، قد يبدو التغيير صغيرًا فهي فقط ساعة واحدة، ولكن لذلك تأثيرات ملموسة على الساعة الداخلية للجسم، أو الإيقاع اليومي المعروف باسم الساعة البيولوجية (circadian rhythm). يتحكم هذا النظام الداخلي في وظائف حيوية مثل المزاج والشهية والنوم، ويمكن أن يؤدي التغيير المفاجئ إلى أن يصبح الصباح مظلم والمساء أكثر ضوءًا، مما يؤخر إنتاج الميلاتونين ويقلله بسبب عدم التعرض للضوء في الصباح الباكر.

قد يسبب هذا الاضطراب صعوبة النوم أو الاستيقاظ، مما يؤدي إلى التعب وانخفاض التركيز، وقد أظهَرت الدراسات أن الشخص العادي ينام أقل بحوالي 40 دقيقة في أول يوم دوام بعد تقديم الساعة مقارنة بليالي السنة الأخرى. كما يظهَر تأثير التوقيت الصيفي بشكل زيادة التهيج، وضعف التركيز، وبطء ردود الفعل، وهي عوامل مرتبطة بارتفاع حوادث الطرق مباشرة بعد التغيير.

كيف يؤثر اضطراب الإيقاع اليومي على الصحة

لا يتحكم الإيقاع اليومي الداخلي في ساعات النوم فقط؛ بل يعمل كمنظم لوظائف وأنظمة الجسم، ويمكن أن يؤدي اضطراب هذا الإيقاع إلى مجموعة من المشاكل الصحية. أظهَرت الدراسات الحديثة ارتباط تغييرات التوقيت الصيفي بزيادة حدوث الأمراض القلبية مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية. كما يمكن أن يؤدي فقدان النوم وعدم التوازن الهرموني إلى تفاقم الاكتئاب والقلق واضطراب الاكتئاب الموسمي.

تشير أبحاث جامعة ستانفورد إلى أن تغيير الساعات مرتين في السنة لا يؤثر فقط على النوم، بل يؤثر أيضًا على العمليات الفسيولوجية التي تنظم الأيض ووظائف القلب، وبناءً على البيانات الوطنية، قدر الباحثون أن اعتماد نظام زمني ثابت يمكن أن يؤدي إلى تحسينات صحية كبيرة.

تشير النماذج التنبؤية إلى أن التحول إلى التوقيت القياسي الثابت وعدم تغيير الساعة قد يمنع حوالي 300,000 حالة سكتة دماغية سنويًا ويقلل من السمنة بأكثر من مليوني حالة، وحتى التوقيت الصيفي الدائم، على الرغم من كونه أقل فائدة قليلاً، سيحقق نتائج إيجابية مماثلة، وهذه النتائج تُبرز مدى ارتباط تأثير التوقيت الصيفي بالصحة العامة.

الجدل حول التوقيت الصيفي

تم تطبيق التوقيت الصيفي لأول مرة خلال الحرب العالمية الأولى لتوفير الطاقة من خلال زيادة ساعات النهار، ومع ذلك، أصبح اليوم الكثيرون يتساءلون عن جدواه في وقتنا الحالي. يرى المؤيدون أن ساعات النهار الأطول تشجع النشاط في الهواء الطلق وتقلل استهلاك الطاقة، بينما يرى المعارضون أن هذه الفوائد ضئيلة مقارنة بتكاليف الصحة والمخاطر على السلامة.

في بعض البلدان، أصبح الجدل حول هذه الممارسة محتدمًا، إذ ينقسم الناس بين الحفاظ على التوقيت الصيفي أو إلغائه تمامًا، ويدعم عدد متزايد من الخبراء والمشرعين فكرة الالتزام بنظام زمني ثابت، مع تفضيل التوقيت القياسي لأنه يتماشى مع التعرض الطبيعي للضوء.

إدارة الانتقال الزمني

قد يكون التخلص من تغيير الساعة هو الحل الأمثل، ويمكن للأفراد اتخاذ خطوات عملية لتقليل تأثير التوقيت الصيفي وتغيير التوقيت بشكل عام على صحتهم. يوصي أخصائيو النوم بضبط وقت النوم تدريجيًا قبل التغيير، بالذهاب إلى الفراش قبل 10 إلى 15 دقيقة كل ليلة لمساعدة الجسم على التكيف. بعد التغيير، يساعد التعرض للضوء الساطع في الصباح لمدة 15 دقيقة على إعادة ضبط الإيقاع اليومي، كما يمكن أن يحسّن تجنب الكافيين والكحول قبل النوم من جودة النوم.

يمكن أن تساعد القيلولات القصيرة في منتصف النهار لمدة 20 إلى 30 دقيقة في مكافحة التعب، رغم أن القيلولات الطويلة قد تزيد من الخمول. يجب على الأشخاص الذين لديهم مشاكل قلبية أو أيضية موجودة مسبقًا مراعاة جودة نومهم بشكل خاص خلال هذه الفترة، إذ يمكن أن يزيد نقص النوم من إجهاد القلب والأوعية الدموية.

تأثير التوقيت الصيفي على صحة القلب والأيض

الجهاز القلبي الوعائي حساس بشكل خاص لتأثير التوقيت الصيفي، إذ يختلف ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، ومستويات الهرمونات في الجسم حسب الإيقاع اليومي، وعند تعطيل هذا الإيقاع حتى بمقدار ساعة واحدة، يمكن أن يرتفع احتمال حدوث النوبة القلبية والسكتة الدماغية.

يوضح الباحثون أن التعرض المنتظم للضوء المبكر في الصباح يساعد على الحفاظ على تنظيم الإيقاع اليومي، مما يحسن أداء الأعضاء واستقرار الأيض، فالإيقاع الضعيف الناجم عن التعرض غير المنتظم للضوء، يمكن أن يعطل التوازن الهرموني والاستجابة المناعية، مما يسهم في الإصابة بالسمنة وارتفاع ضغط الدم ومقاومة الإنسولين. رغم أن هذه التأثيرات قد تبدو متواضعة على المستوى الفردي، إلا أنها تؤثر بشكل كبير على الصحة العامة في المجتمع. يمكن أن يقلل الحفاظ على برنامج يومي ثابت، والنوم الكافي، والتعرض المنتظم للضوء الطبيعي من هذه المخاطر بشكل كبير.

الأسئلة الشائعة

لماذا يرغب البعض الناس في إنهاء تغيير التوقيت؟

يرى الكثيرون بأن تأثير التوقيت الصيفي أكثر ضررًا من نفعه، وتُظهر الأبحاث ارتباطه باضطراب النوم، وزيادة حوادث المرور، وتأثيرات سلبية على القلب، بينما يرى المعارضون أن الالتزام بالتوقيت القياسي طوال العام يتماشى بشكل أفضل مع الإيقاعات الطبيعية للجسم ويعزز الصحة.

هل سيكون التوقيت الصيفي أو القياسي الدائم أفضل للصحة؟

تشير الدراسات إلى أن الالتزام بالتوقيت القياسي طوال العام يوفر على الأرجح أكبر الفوائد الصحية، فالتعرض للضوء في الصباح المبكر يعزز الإيقاع اليومي للجسم، مما يحسن الأيض وصحة القلب، كما أن التوقيت الصيفي الدائم مفيد أيضًا، لكنه أقل تأثيرًا.

نصيحة من موقع صحتك

من الضروري الحفاظ على عادات نوم صحية لتقليل تأثير التوقيت الصيفي، حيث يُنصح بالحصول على 7–9 ساعات من النوم يوميًا، والحد من الكافيين في المساء، وقضاء وقت في الهواء الطلق خلال النهار. يمكن أن تساعد التعديلات التدريجية على وقت النوم قبل التغيير على جعل الانتقال أسهل، وبالنسبة لمن يعانون من حالات مزمنة مثل أمراض القلب أو السكري، فإن النوم المنتظم والتعرض الكافي للضوء الطبيعي يوفر حماية إضافية. يمكن أن تؤدي خطوات بسيطة نحو تحسين صحة النوم إلى تقليل تأثير هذا التغيير الموسمي بشكل كبير.

المصدر :- صحتك | الصفحة الرئيسية

في الختام، من المهم أن نكون واعين لتأثيرات التوقيت الصيفي على صحتنا. من خلال اتخاذ خطوات بسيطة، يمكننا تقليل هذه التأثيرات وتحسين جودة حياتنا.

السابق
مضادات الاكتئاب الشائعة: تأثيرات سيرترالين خلال أسبوعين
التالي
فهم العلاقة بين السكّري والاكتئاب وكيفية التعامل معها