تعتبر متلازمة القولون العصبي من الاضطرابات الهضمية الشائعة، وقد أظهرت الأبحاث الحديثة فعالية النظام الغذائي المتوسطي في تخفيف أعراضها.
النظام الغذائي المتوسطي يخفف أعراض القولون العصبي
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن النظام الغذائي المتوسطي يخفف أعراض القولون العصبي بشكل ملحوظ، متفوقًا على النصائح الغذائية التقليدية وحتى على نظام FODMAP المنخفض الشهير. ومع تزايد عدد الدراسات التي تدعم هذا النهج، يبدو أن اعتماد نمط الأكل المتوسطي قد يقدم حلًا عمليًا وفعالًا لملايين المرضى حول العالم. وبخلاف الأنظمة المقيّدة التي تتطلب استبعاد أطعمة عديدة، فإن النظام المتوسطي يمنح مرونة وتنوعًا غذائيًا أكبر مع فوائد صحية شاملة. في هذا المقال نستعرض أحدث الأدلة العلمية التي تقارن بين النظامَين، ونوضح لماذا أصبح النظام المتوسطي مرشحًا ليكون الخيار الأول لعلاج متلازمة القولون العصبي (IBS).
دراسة مقارنة بين النظام الغذائي المتوسطي والنظام التقليدي
في دراسة سريرية عشوائية أُجريت في المملكة المتحدة بين أكتوبر 2023 وديسمبر 2024، وضَع باحثون من جامعة شيفيلد نظامَين غذائيين في مواجهة مباشرة: النظام الغذائي المتوسطي مقابل النظام الغذائي التقليدي لعلاج متلازمة القولون العصبي.
شملت الدراسة 139 بالغًا مصابًا بالقولون العصبي، تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عامًا، وتم تقويمهم بعد ستة أسابيع من الالتزام بالنظام المحدد لهم. أظهَرت النتائج أن 62% من المشاركين الذين اتبعوا النظام الغذائي المتوسطي حققوا تحسنًا سريريًا ملحوظًا في الأعراض، مقارنة بـ 42% فقط من الذين تلقوا النصائح الغذائية التقليدية. كما كان التحسن في مقياس شدة أعراض القولون العصبي (IBS-SSS) أعلى بشكل واضح في المجموعة المتوسطية (101.2 نقطة مقابل 64.5 نقطة).
ووفقًا للدكتور عمران عزيز، الباحث الرئيسي من جامعة شيفيلد، فإن هذه النتائج “لا تشير فقط إلى أن النظام المتوسطي ليس أقل فعالية من الإرشادات الحالية، بل إنه أفضل منها بشكل واضح”. وأضاف قائلًا: “يمكن للأطباء الآن أن يقدموا النظام الغذائي المتوسطي كخيار أولي بديل للمرضى، مع السماح لهم باختيار ما يناسبهم بناءً على عاداتهم الغذائية وتفضيلاتهم الثقافية.” كما أظهَرت هذه الدراسة انخفاضًا ملحوظًا في تكرار آلام البطن لدى مجموعة النظام المتوسطي، بمعدل يوم ونصف أقل من الألم في كل عشرة أيام مقارنة بالمجموعة الأخرى.
مقارنة مع نظام FODMAP المنخفض
نظام FODMAP المنخفض، الذي يعتمد على تقليل الكربوهيدرات القابلة للتخمّر مثل منتجات الألبان، والقرنبيط، والبقوليات، وشراب الذرة العالي الفركتوز، يُعد حاليًا الخيار العلاجي الغذائي الأكثر استخدامًا لمتلازمة القولون العصبي. يتضمن النظام ثلاث مراحل: الاستبعاد، ثم إعادة الإدخال، وأخيرًا الاستمرار. ورغم أن فعاليته تصل إلى نحو 70% من المرضى، إلا أن تطبيقه معقد ومكلف ومقيِّد اجتماعيًا، وقد يؤدي إلى نقص في بعض العناصر الغذائية واضطراب في ميكروبيوم الأمعاء.
دراسات إضافية تدعم النظام المتوسطي
في تجربة أسترالية أُجريت عام 2024 على 59 بالغًا مصابًا بمتلازمة القولون العصبي، تبين أن المشاركين الذين اتبعوا النظام المتوسطي لمدة ستة أسابيع أظهَروا التزامًا أعلى وتحسنًا في الأعراض الهضمية والنفسية مقارنة بغيرهم. فالنظام الغذائي المتوسطي يتميز بتنوع مكوَناته، التي تشمل الفواكه، والخضروات، والحبوب الكاملة، والبقوليات، والأسماك، وزيت الزيتون كمصدر رئيسي للدهون. تشير الأدلة إلى أن هذا النمط الغذائي يدعم تنوع بكتيريا الأمعاء ويقلل الالتهاب المعوي بفضل أحماض أوميغا-3 الدهنية والدهون الأحادية غير المشبَعة. كما يمنح المرضى شعورًا بالشبع دون الحرمان، ويقلل التوتر المرتبط بالأنظمة الغذائية الصارمة.
لماذا يُعتبر النظام الغذائي المتوسطي خياراً أوليًا واعدًا؟
النتائج المتكررة في الدراسات البريطانية، والأمريكية، والأسترالية تشير إلى أن النظام الغذائي المتوسطي يخفف أعراض القولون العصبي بدرجة كبيرة، وأنه يمثل بديلًا عمليًا وسهل التطبيق مقارنة بالنظام المنخفض FODMAP. إضافةً إلى ذلك، فإن له فوائد أوسع تمتد إلى تقليل خطر أمراض القلب، والسكري، والسرطان، والخرف، مما يجعله خيارًا صحيًا عامًا وليس مجرد علاج للأمعاء.
اقرأ أيضًا...
الأسئلة الشائعة
ما هو النظام الغذائي المناسب للقولون العصبي؟
قد يكون النظام الغذائي المتوسطي هو الأنسَب لمتلازمة القولون العصبي، إذ أظهَرت الدراسات أن النظام الغذائي المتوسطي يخفف أعراض القولون العصبي بشكل ملحوظ ويتفوق على الإرشادات الغذائية التقليدية، ويتميز بتنوعه ومرونته، فهو يعتمد على تناول الخضروات، والفواكه، والحبوب الكاملة، والبقوليات، والأسماك، وزيت الزيتون كمصدر رئيسي للدهون. كما يساعد على تحسين توازن بكتيريا الأمعاء وتقليل الالتهاب، مما يساهم في تهدئة الجهاز الهضمي وتحسين الصحة العامة.
هل الطعام المتوسطي مفيد لمرضى القولون العصبي؟
نعم، النظام الغذائي المتوسطي مفيد لمرضى القولون العصبي، إذ أثبتت الدراسات أنه يخفف الأعراض بشكل ملحوظ مقارنة بالأنظمة التقليدية. كما أنه يعزز صحة الأمعاء ويقلل الالتهاب بفضل مكوَناته الغنية بالفواكه، والخضروات، والأسماك، وزيت الزيتون.
نصيحة من موقع صحتك
إذا كنت تعاني من متلازمة القولون العصبي، ففكر في تبنّي النظام الغذائي المتوسطي بعد استشارة طبيبك كخيار أولي قبل اللجوء إلى الأنظمة الغذائية الأكثر تقييدَا. ابدأ بزيادة تناول الخضروات والفواكه الطازجة، واستبدل الزيوت النباتية بزيت الزيتون، وقلل من الأطعمة المصنّعة. فهو ليس مجرد نظام غذائي بل أسلوب حياة متوازن ومستدام يساعد على تهدئة أمعائك وتحسين صحتك العامة.
باختصار، النظام الغذائي المتوسطي ليس فقط خيارًا غذائيًا، بل أسلوب حياة يساهم في تحسين الصحة العامة وراحة الجهاز الهضمي.
 
			 
				
							 
				
							 
				
							 
									 
									 
									 
									 
									