الصحة

كيف يؤثر مسلسل “غريب في المرآة” على الحالة النفسية للمشاهد؟ قراءة من منظور علم النفس

كيف يؤثر مسلسل "غريب في المرآة" على الحالة النفسية للمشاهد؟ قراءة من منظور علم النفس

يُعد مسلسل غريب في المرآة أحد أبرز الأعمال الدرامية التركية الحديثة التي أثارت نقاشات نفسية واسعة.
فعلى الرغم من أنه يُقدَّم كقصة غامضة عن امرأة تبحث عن هويتها، إلا أن تأثيره يمتد إلى أعماق المتلقي من حيث التأثير النفسي والمعرفي.

من منظور علم النفس، فإن مشاهدة مثل هذه الأعمال ليست مجرد ترفيه، بل تجربة إدراكية وعاطفية تتفاعل مع البنية العصبية للإنسان وتؤثر في مشاعره وسلوكه.

أولاً: الارتباط العاطفي والتماهي النفسي

الشخصية الرئيسية “عزرا” تمر بحالة من فقدان الهوية والذاكرة، وهي تجربة تلامس مشاعر الكثير من المشاهدين بشكل غير واعٍ.
وفقًا لعلم النفس التحليلي، يميل الدماغ إلى التماهي مع الشخصيات التي تعيش صراعات مشابهة داخلية، فيبدأ المشاهد بتأمل ذاته وماضيه ومخاوفه.

هذا النوع من التفاعل يُسمى بـ Identification Effect، وهو ما يجعل الدراما الغامضة ذات تأثير عميق على الحالة النفسية، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من القلق أو اضطرابات الهوية أو فقدان الثقة بالذات.

ثانيًا: الغموض وتأثيره على الجهاز العصبي

تُظهر الدراسات الحديثة في علم الأعصاب أن المشاهد التي تتضمن توترًا وتشويقًا بصريًا تُنشط مراكز الانتباه في الدماغ وتزيد إفراز مادة الدوبامين، مما يخلق شعورًا بالفضول والإثارة.
لكن الإفراط في هذا النمط قد يؤدي إلى الإجهاد الذهني إذا لم يُوازن بمشاهد مريحة أو نهايات واضحة.

ومسلسل “غريب في المرآة” يعتمد على تقنيات بصرية معقدة وزوايا تصوير تخلق حالة من الترقّب المستمر، وهو ما قد يؤدي إلى فرط تنبيه عصبي (Hyperarousal) لدى بعض المشاهدين الحساسين.

ثالثًا: المرآة كرمز نفسي

العنصر المحوري في المسلسل – المرآة – يمثل في علم النفس رمز الهوية والذات.
رؤية الشخصية لنفسها في المرآة ثم عدم التعرف عليها هو استعارة عن اضطراب إدراك الذات، وهو ما يجعل المشاهدين يتأملون علاقتهم بصورتهم الذاتية.

بعض الأطباء النفسيين يشيرون إلى أن هذا النوع من المشاهد قد يكون محفزًا إيجابيًا للتفكير في الذات وإعادة تقييمها، لكنه في الوقت نفسه قد يثير مشاعر القلق أو الذكريات المكبوتة لدى بعض الأشخاص.

رابعًا: التأثير النفسي الممتد بعد المشاهدة

من الملاحظ أن العديد من المشاهدين أبلغوا عن استمرار تفكيرهم في أحداث المسلسل بعد انتهائه، وهو ما يُعرف بـ Post-viewing cognitive echo، أي “الصدى الذهني بعد المشاهدة”.
هذه الظاهرة تشير إلى أن المسلسل ينجح في تحفيز التفكير العميق حول موضوعات مثل الهوية، الذاكرة، والذات الإنسانية، مما قد يساهم في التفريغ النفسي الإيجابي أو ما يُعرف بـ “Catharsis”.

خامسًا: التوازن النفسي في مشاهدة الدراما

ينصح الأخصائيون النفسيون بمشاهدة مثل هذه الأعمال ضمن حدود زمنية معتدلة، مع وعي كامل بأنها تمثيل فني لا يعكس الواقع بالضرورة.
كما يُنصح بتجنب مشاهدتها قبل النوم مباشرة، لتفادي اضطرابات النوم أو أحلام القلق الناتجة عن الانفعال العالي أثناء المتابعة.

يُظهر مسلسل “غريب في المرآة 2” كيف يمكن للدراما أن تتحول إلى أداة نفسية قوية تؤثر في المشاعر والإدراك، وتفتح باب التأمل في الذات.
لكن يبقى التوازن في المشاهدة والتفريق بين الخيال والواقع أمرًا ضروريًا للحفاظ على الصحة النفسية.

السابق
الفوز في سوق الموظفين: استراتيجيات لجذب المواهب
التالي
طرق هادئة لتحسين الذات – 5 استراتيجيات فعالة

اترك تعليقاً